قصة ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻭﻭﺍ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻐﺎﺭ
قصة ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻭﻭﺍ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻐﺎﺭ |
ﻣﻮﻗﻊ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ :
ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ : ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻞ ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺴﻬﺮ ﻋﻦ ﻋﺒﻴﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺃﻥ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ :
« ﺍﻧﻄﻠﻖ ﺛﻼﺛﺔ ﻧﻔﺮ ﻣﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻠﻜﻢ ﺣﺘﻰ ﺁﻭﺍﻫﻢ ﺍﻟﻤﺒﻴﺖ ﺇﻟﻰ ﻏﺎﺭ ﻓﺪﺧﻠﻮﻩ ، ﻓﺎﻧﺤﺪﺭﺕ ﺻﺨﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺒﻞ ﻓﺴﺪﺕ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻐﺎﺭ ، ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ : ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺠﻴﻜﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﺨﺮﺓ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﺪﻋﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺼﺎﻟﺢ ﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ . ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺟﻞ ﻣﻨﻬﻢ : ﺍﻟﻠَّﻬﻢ ﻛﺎﻥ ﻟﻲ ﺃﺑﻮﺍﻥ ﺷﻴﺨﺎﻥ ﻛﺒﻴﺮﺍﻥ ،
ﻭﻛﻨﺖ ﻻ ﺃﻏﺒﻖ ﻗﺒﻠﻬﻤﺎ ﺃﻫﻼ ﻭﻻ ﻣﺎﻻً ( ﺃﻱ : ﻻ ﺃﻗﺪﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﺏ ﻗﺒﻠﻬﻤﺎ ﺃﺣﺪﺍً ) ، ﻓﻨﺄﻯ ﺑﻲ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺸﺠﺮ ﻳﻮﻣﺎً ﻓﻠﻢ ﺃﺭﺡ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺣﺘﻰ ﻧﺎﻣﺎ ، ﻓﺠﻠﺒﺖ ﻟﻬﻤﺎ ﻏﺒﻮﻗﻬﻤﺎ ﻓﻮﺟﺪﺗﻬﻤﺎ ﻧﺎﺋﻤﻴﻦ ، ﻓﻜﺮﻫﺖ ﺃﻥ ﺃﻭﻗﻈﻬﻤﺎ ﻭﺃﻥ ﺃﻏﺒﻖ ﻗﺒﻠﻬﻤﺎ ﺃﻫﻼً ﺃﻭ ﻣﺎﻻً ﻓﻠﺒﺜﺖ ﻭﺍﻟﻘﺪﺡ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻱ ﺃﻧﺘﻈﺮ ﺍﺳﺘﻴﻘﺎﻇﻬﻤﺎ ﺣﺘﻰ ﺑﺮﻕ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻭﺍﻟﺼﺒﻴﺔ ﻳﺘﻀﺎﻏﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﻗﺪﻣﻲ ( ﺃﻱ ﻳﺼﻴﺤﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻮﻉ ) ، ﻓﺎﺳﺘﻴﻘﻈﺎ ﻓﺸﺮﺑﺎ ﻏﺒﻮﻗﻬﻤﺎ .
ﺍﻟﻠَّﻬﻢ ﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﻓﻌﻠﺖ ﺫﻟﻚ ﺍﺑﺘﻐﺎﺀ ﻭﺟﻬﻚ ﻓﺎﻓﺮﺝ ﻋﻨﺎ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﺨﺮﺓ ، ﻓﺎﻧﻔﺮﺟﺖ ﺷﻴﺌﺎً ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻨﻪ . ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻵﺧﺮ : ﺍﻟﻠَّﻬﻢ ﺇﻧﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻲ ﺍﺑﻨﺔ ﻋﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺣﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻲَّ ،
ﻭﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ : ﻛﻨﺖ ﺃﺣﺒﻬﺎ ﻛﺄﺷﺪ ﻣﺎ ﻳﺤﺐ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ، ﻓﺄﺭﺩﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﺎﻣﺘﻨﻌﺖ ، ﺣﺘﻰ ﺃﻟﻤﺖ ﺑﻬﺎ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﻓﺠﺎﺋﺘﻨﻲ ﻓﺎﻋﻄﻴﺘﻬﺎ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻭﻣﺎﺋﺔ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﺨﻠﻲ ﺑﻴﻨﻲ ﻭﺑﻴﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻔﻌﻠﺖ ، ﺣﺘﻰ ﺃﺫﺍ ﻗﺪﺭﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻓﻠﻤﺎ ﻗﻌﺪﺕ ﺑﻴﻦ ﺭﺟﻠﻴﻬﺎ
ﻗﺎﻟﺖ : ﺍﺗﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻻ ﺗﻔﻀﻦ ﺍﻟﺨﺎﺗﻢ ﺇﻻ ﺑﺤﻘﻪ ، ﻓﺎﻧﺼﺮﻓﺖ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺃﺣﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻲَّ ﻭﺗﺮﻛﺖ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻄﻴﺘﻬﺎ . ﺍﻟﻠَّﻬﻢ ﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﻓﻌﻠﺖ ﺫﻟﻚ ﺍﺑﺘﻐﺎﺀ ﻭﺟﻬﻚ ﻓﺎﻓﺮﺝ ﻋﻨﺎ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ ، ﻓﺎﻧﻔﺮﺟﺖ ﺍﻟﺼﺨﺮﺓ ﻏﻴﺮ ﺃﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ . ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﺍﻟﻠَّﻬﻢ ﺇﻧﻲ ﺍﺳﺘﺄﺟﺮﺕ ﺃُﺟﺮﺍﺀ ﻭﺃﻋﻄﻴﺘﻬﻢ ﺃﺟﺮﻫﻢ ، ﻏﻴﺮ ﺭﺟﻞ ﻭﺍﺣﺪ ، ﺗﺮﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻪ ﻭﺫﻫﺐ ﻓﺜﻤﺮﺕ ﺃﺟﺮﻩ ﺣﺘﻰ ﻛﺜﺮﺕ ﻣﻨﻪ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ، ﻓﺠﺎﺀﻧﻲ ﺑﻌﺪ ﺣﻴﻦ ﻓﻘﺎﻝ :
ﻳﺎ ﻋﺒﺪَ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺩِّ ﺇﻟﻲّ ﺃﺟﺮﻱ ، ﻓﻘﻠﺖ : ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﺮﻯ ﻣﻦ ﺃﺟﺮﻙ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ ﻭﺍﻟﺒﻘﺮ ﻭﺍﻟﻐﻨﻢ ﻭﺍﻟﺮﻗﻴﻖ ﻓﻘﺎﻝ : ﻳﺎ ﻋﺒﺪَ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﺗﺴﺘﻬـﺰﺉ ﺑﻲ ! ﻓﻘﻠﺖ : ﻻ ﺃﺳﺘﻬﺰﺉ ﺑﻚ ، ﻓﺄﺧﺬﻩ ﻛﻠﻪ ﻓﺎﺳﺘﻘﺎﻩ ﻓﻠﻢ ﻳﺘﺮﻙ ﻣﻨﻪ ﺷﻴﺌﺎً . ﺍﻟﻠَّﻬﻢ ﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﻓﻌﻠﺖ ﺫﻟﻚ ﺍﺑﺘﻐﺎﺀ ﻭﺟﻬﻚ ﻓﺎﻓﺮﺝ ﻋﻨﺎ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ ، ﻓﺎﻧﻔﺮﺟﺖ ﺍﻟﺼﺨﺮﺓ ﻓﺨﺮﺟﻮﺍ ﻳﻤﺸﻮﻥ » .
ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ( 10/415 ) ، ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ ( 4/1982 )
ﺩﺭﻭﺱ ﻭ ﻋﻈﺎﺕ :
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ : ﺗﺄﻣﻠﻮﺍ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ .. ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻋﺮﻓﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺧﺎﺀ ﻓﻌﺮﻓﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺪﺓ .. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻌﺮﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺮﺧﺎﺀ ﻭﺍﻟﻴﺴﺮ ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺸﺪﺓ ﻭﺍﻟﻀﻴﻖ ﻭﺍﻟﻜﺮﺏ ﻓﻴﻠﻄﻒ ﺑﻪ ﻭﻳﻌﻴﻨﻪ ﻭﻳﻴﺴﺮ ﻟﻪ ﺃﻣﻮﺭﻩ . ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﻭَﻣَﻦْ ﻳَﺘَّﻖِ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﺠْﻌَﻞْ ﻟَﻪُ ﻣَﺨْﺮَﺟًﺎ ( 2 ) ﻭَﻳَﺮْﺯُﻗْﻪُ ﻣِﻦْ ﺣَﻴْﺚُ ﻟَﺎ ﻳَﺤْﺘَﺴِﺐُ { ﺍﻟﻄﻼﻕ،
ﻭ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ }: ﻭَﻣَﻦْ ﻳَﺘَّﻖِ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﺠْﻌَﻞْ ﻟَﻪُ ﻣِﻦْ ﺃَﻣْﺮِﻩِ ﻳُﺴْﺮًﺍ ( {(4 ﺍﻟﻄﻼﻕ .
ﻓﺎﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ :
ﺿﺮﺏ ﻣﺜﻼً ﻋﻈﻴﻤﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺮ ﺑﻮﺍﻟﺪﻳﻪ ، ﺑﻘﻲ ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻹﻧﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ ﻟﻢ ﺗﻄﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻥ ﻳﺸﺮﺏ ﻣﻨﻪ ، ﻭﻻ ﺃﻥ ﻳﺴﻘﻲ ﺃﻭﻻﺩﻩ ﻭﺃﻫﻠﻪ ، ﻭﻻ ﺃﻥ ﻳﻨﻐﺺ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ ﻧﻮﻣﻬﻤﺎ ﺣﺘﻰ ﻃﻠﻊ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻓﺪﻝ ﻫﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﻓﻀﻞ ﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ، ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺳﺒﺐ ﻟﺘﻴﺴﻴﺮ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻭﺗﻔﺮﻳﺞ ﺍﻟﻜﺮﻭﺏ .. ، ﻭﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻫﻮ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺻﻠﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻴﺼﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ﺳﻠﻢ : : « ﻣﻦ ﺃﺣﺐ ﺃﻥ ﻳﺒﺴﻂ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺭﺯﻗﻪ ﻭﻳﻨﺴﺄ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺃﺛﺮﻩ ، ﻓﻠﻴﺼﻞ ﺭﺣﻤﻪ » ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ .
ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ( 10/415 ) ، ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ ( 4/1982 ) .
ﻭﻫﺬﺍ ﺟﺰﺍﺀ ﻣﻌﺠﻞ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻳﺒﺴﻂ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺭﺯﻗﻪ ﻭﻳﺆﺧﺮ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺃﺟﻠﻪ ﻭﻋﻤﺮﻩ .. ﻫﺬﺍ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺠﺰﺍﺀ ﺍﻷﺧﺮﻭﻱ ﺍﻟﻤﺪﺧﺮ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ .. ﻭﻗﺪ ﻋﻈﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻧﻬﻰ ﺍﻻﺑﻦ ﻋﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﻠﻔﻆ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺑﺄﺩﻧﻰ ﻛﻠﻤﺔ ﺗﻀﺠﺮ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
} ﻭَﻗَﻀَﻰ ﺭَﺑُّﻚَ ﺃَﻟَّﺎ ﺗَﻌْﺒُﺪُﻭﺍ ﺇِﻟَّﺎ ﺇِﻳَّﺎﻩُ ﻭَﺑِﺎﻟْﻮَﺍﻟِﺪَﻱِﻥْ ﺇِﺣْﺴَﺎﻧًﺎ ﺇِﻣَّﺎ ﻳَﺒْﻠُﻐَﻦَّ ﻋِﻨْﺪَﻙَ ﺍﻟْﻜِﺒَﺮَ ﺃَﺣَﺪُﻫُﻤَﺎ ﺃَﻭْ ﻛِﻠَﺎﻫُﻤَﺎ ﻓَﻠَﺎ ﺗَﻘُﻞْ ﻟَﻬُﻤَﺎ ﺃُﻑٍّ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﻨْﻬَﺮْﻫُﻤَﺎ ﻭَﻗُﻞْ ﻟَﻬُﻤَﺎ ﻗَﻮْﻟًﺎ ﻛَﺮِﻳﻤًﺎ ( 23 ) ﻭَﺍﺧْﻔِﺾْ ﻟَﻬُﻤَﺎ ﺟَﻨَﺎﺡَ ﺍﻟﺬُّﻝِّ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺮَّﺣْﻤَﺔِ ﻭَﻗُﻞْ ﺭَﺏِّ ﺍﺭْﺣَﻤْﻬُﻤَﺎ ﻛَﻤَﺎ ﺭَﺑَّﻴَﺎﻧِﻲ ﺻَﻐِﻴﺮًﺍ ( {(24 . ﺍﻻﺳﺮﺍﺀ
ﻭﺛﺎﻧﻲ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ :
ﺭﺟﻞ ﺿﺮﺏ ﻣﺜﻼً ﺑﺎﻟﻐﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻔﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ، ﺣﻴﻦ ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺣﺼﻮﻝ ﻣﺮﺍﺩﻩ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ، ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﺣﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻴﻪ ، ﻭﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺫﻛﺮﺗﻪ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺗﺮﻛﻬﺎ ، ﻭﻫﻲ ﺃﺣﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻴﻪ ، ﻭﻟﻢ ﻳﺄﺧﺬ ﺷﻴﺌﺎً ﻣﻤﺎ ﺃﻋﻄﺎﻫﺎ . ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻠﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻇﻠﻪ ﻳﻮﻡ ﻻ ﻇﻞ ﺇﻻ ﻇﻠﻪ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺿﻤﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ : « ﺭﺟﻼً ﺩﻋﺘﻪ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺫﺍﺕ ﻣﻨﺼﺐ ﻭﺟﻤﺎﻝ ﻓﻘﺎﻝ : ﺇﻧﻲ ﺃﺧﺎﻑ ﺍﻟﻠﻪ » .
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ــ ﻋﺰَّ ﻭﺟﻞَّ ــ :
} ﻭَﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻟَﺎ ﻳَﺪْﻋُﻮﻥَ ﻣَﻊَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺇِﻟَﻬًﺎ ﺁَﺧَﺮَ ﻭَﻟَﺎ ﻳَﻘْﺘُﻠُﻮﻥَ ﺍﻟﻨَّﻔْﺲَ ﺍﻟَّﺘِﻲ ﺣَﺮَّﻡَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺇِﻟَّﺎ ﺑِﺎﻟْﺤَﻖِّ ﻭَﻟَﺎ ﻳَﺰْﻧُﻮﻥَ ﻭَﻣَﻦْ ﻳَﻔْﻌَﻞْ ﺫَﻟِﻚَ ﻳَﻠْﻖَ ﺃَﺛَﺎﻣًﺎ ( 68 ) ﻳُﻀَﺎﻋَﻒْ ﻟَﻪُ ﺍﻟْﻌَﺬَﺍﺏُ ﻳَﻮْﻡَ ﺍﻟْﻘِﻴَﺎﻣَﺔِ ﻭَﻳَﺨْﻠُﺪْ ﻓِﻴﻪِ ﻣُﻬَﺎﻧًﺎ ( 69 ) ﺇِﻟَّﺎ ﻣَﻦْ ﺗَﺎﺏَ ﻭَﺁَﻣَﻦَ ﻭَﻋَﻤِﻞَ ﻋَﻤَﻠًﺎ ﺻَﺎﻟِﺤًﺎ ﻓَﺄُﻭﻟَﺌِﻚَ ﻳُﺒَﺪِّﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺳَﻴِّﺌَﺎﺗِﻬِﻢْ ﺣَﺴَﻨَﺎﺕٍ ﻭَﻛَﺎﻥَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻏَﻔُﻮﺭًﺍ ﺭَﺣِﻴﻤًﺎ ( 70 ً( { . ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ
ﻭﺛﺎﻟﺚ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ :
ﺭﺟﻞ ﺿﺮﺏ ﻣﺜﻼً ﻋﻈﻴﻤﺎً ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ﻭﺍﻟﻨﺼﺢ ، ﺣﻴﺚ ﺛﻤَّﺮ ﻟﻸﺟﻴﺮ ﺃﺟﺮﻩ ﻓﺒﻠﻎ ﻣﺎ ﺑﻠﻎ ، ﻭﺳﻠﻤﻪ ﺇﻟﻰ ﺻﺎﺣﺒﻪ ، ﻭﻟﻢ ﻳﺄﺧﺬ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻪ ﺷﻴﺌﺎً ... ﻣﺎ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﺑﻴﻦ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻠﻤﻮﻥ ﺍﻷﺟﺮﺍﺀ ﻭﻳﺄﻛﻠﻮﻥ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ، ﻻﺳﻴﻤﺎ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻮﺍﻓﺪﻳﻦ ﻓﺘﺠﺪ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻜﻔﻼﺀ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﺼﺪﻕ ﻓﻴﻬﻢ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
} ﻭَﻳْﻞٌ ﻟِﻠْﻤُﻄَﻔِّﻔِﻴﻦَ ( 1 ) ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺇِﺫَﺍ ﺍﻛْﺘَﺎﻟُﻮﺍ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ﻳَﺴْﺘَﻮْﻓُﻮﻥَ ( 2 ) ﻭَﺇِﺫَﺍ ﻛَﺎﻟُﻮﻫُﻢْ ﺃَﻭْ ﻭَﺯَﻧُﻮﻫُﻢْ ﻳُﺨْﺴِﺮُﻭﻥَ ( 3 ) ﺃَﻟَﺎ ﻳَﻈُﻦُّ ﺃُﻭﻟَﺌِﻚَ ﺃَﻧَّﻬُﻢْ ﻣَﺒْﻌُﻮﺛُﻮﻥَ ( 4 ) ﻟِﻴَﻮْﻡٍ ﻋَﻈِﻴﻢٍ ( 5 ) { ﺍﻟﻤﻄﻔﻔﻴﻦ
ﻓﻬـﻢ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﻣﻦ ﻫـﺆﻻﺀ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻣﻮﺍ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﻤﻞ ﻭﺟﻪ ، ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﺒﺨﺴﻮﻧﻬﻢ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ﻭﻳﻤﺎﻃﻠﻮﻥ ﻓﻲ ﺇﻋﻄﺎﺋﻬﻢ ﺃﺟﺮﺗﻬﻢ ، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺭﺟﻊ ﺑﻌﺾ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺑﻠﺪﺍﻧﻬﻢ ﻭﻟﻢ ﻳﺴﺘﻮﻓﻮﺍ ﺃﺟﻮﺭﻫﻢ ، ﺃﻻ ﻓﻠﻴﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺄﺟﺮ ﺃﺟﻴﺮﺍً ﻭﻟﻢ ﻳﻮﻓﻪ ﺃﺟﺮﻩ ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺧﺼﻤﻪ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ... ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﺼﻤﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ ، ﻭﻟﻜﻦ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺧﺼﻤﻚ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻛﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ﺳﻠﻢ : ﻗﺎﻝ : ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : « ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻧﺎ ﺧﺼﻤﻬﻢ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ، ﻭﻣﻦ ﻛﻨﺖ ﺧﺼﻤﻪ ﻓﻘﺪ ﺧﺼﻤﺘﻪ » ، ﻭﺫﻛﺮ ﻣﻨﻬﻢ : « ﺭﺟﻼً ﺍﺳﺘﺄﺟﺮ ﺃﺟﻴﺮﺍً ﻓﺎﺳﺘﻮﻓﻰ ﻣﻨﻪ ﺛﻢ ﻟﻢ ﻳﻌﻄﻪ ﺃﺟﺮﻩ » .
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻪ ﻭﺇﺣﺴﺎﻧﻪ ﻳﺠﻴﺐ ﺩﻋﻮﺓ ﺍﻟﻤﻀﻄﺮ ، ﻭﻳﺮﺣﻢ ﻋﺒﺪﻩ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻭﻳﺠﻴﺐ ﺳﺆﺍﻟﻪ ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ :
ﻭَﺇِﺫَﺍ ﺳَﺄَﻟَﻚَ ﻋِﺒَﺎﺩِﻱ ﻋَﻨِّﻲ ﻓَﺈِﻧِّﻲ ﻗَﺮِﻳﺐٌ ﺃُﺟِﻴﺐُ ﺩَﻋْﻮَﺓَ ﺍﻟﺪَّﺍﻉِ ﺇِﺫَﺍ ﺩَﻋَﺎﻥِ ﻓَﻠْﻴَﺴْﺘَﺠِﻴﺐُ
ﻭﺍ ﻟِﻲ ﻭَﻟْﻴُﺆْﻣِﻨُﻮﺍ ﺑِﻲ ﻟَﻌَﻠَّﻬُﻢْ ﻳَﺮْﺷُﺪُﻭﻥَ ﻭﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : ﺍﺩْﻋُﻮﻧِﻲ ﺃَﺳْﺘَﺠِﺐْ ﻟَﻜُﻢْ ﻭﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : ﺃَﻣَّﻦْ ﻳُﺠِﻴﺐُ ﺍﻟْﻤُﻀْﻄَﺮَّ ﺇِﺫَﺍ ﺩَﻋَﺎﻩُ ﻭَﻳَﻜْﺸِﻒُ ﺍﻟﺴُّﻮﺀَ
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ : ﻭﺩﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﺳﻞ ﺑﺎﻷﻋﻤـﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﻮﺳﻞ ﺳﺒﺐ ﻟﺘﻔﺮﻳﺞ ﺍﻟﻜﺮﻭﺏ .. ﻭﺍﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻝ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻟﻤﺎ ﺿﺎﻗﺖ ﺑﻬﻢ ﺍﻟﺴﺒﻞ ﺗﻮﺳﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺼﺎﻟﺢ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻓﻔﺮﺝ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ